بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه إلى يوم الدين
أمابعد :
اجْنِ العَسَل .. ولا تكسِر الخليَّة
الرِّفْق ما كان في شيء إلاَّ زانه ، وما نُزِع من شيء إلاَّ شانه ، اللِّين في الخطاب ، البسمة الرائقة على المحيّا ، الكلمة الطيبة عند اللقاء ، هذه حُللٌ منسوجة يرتديها السعداء ، وهي صفات المؤمن كالنحلة تأكل طيبًا وتصنع طيباً ، وإذا وقعت على زهرة لا تكسرها ؛ لأن الله يعطي على الرِفق ما لا يعطي على العنف .
إنَّ من الناس من تشرأبُّ لقدومهم الأعناق ، وتشْخَصُ إلى طلعاتهم الأبصار ، وتحييهم الأفئدة وتشيّعهم الأرواح ؛ لأنهم محبوبون في كلامهم ، في أخذهم وعطائهم ، في لقائهم ووداعهم .
إنَّ اكتساب الأصدقاء فنٌ مدروس يجيده النبلاء الأبرار ، فهم محفوفون دائماً وأبدًا بهالة من الناس ، إن حضروا فالبشر والأنس وإن غابوا فالسؤال والدعاء .
سهرنا ونام الركب والليل مسرف *** وكنت حديث الركب في كل منزل
إن هؤلاء السعداء لهم دستور أخلاق عنوانه : { ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميمٌ } ، فهم يمتصون الأحقاد بعاطفتهم الجيَّاشة ، وحِلْمِهم الدافئ ، وصفْحِهِم البريء ، يتناسون الإساءة ويحفظون الإحسان ، تمر بهم الكلمات النابية فلا تلج آذانهم بل تذهب بعيدًا هناك إلى غير رجعة .
إنهم في راحة والناس منهم في أمن والمسلمون منهم في سلام ؛ " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم " ، " إن الله أمرني أن أصل من قطعني وأن أعفو عمن ظلمني وأن أعطي من حرمني " ، { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس } بشر هؤلاء بثواب عاجل من الطمأنينة والسكينة والهدوء .
من سالم الناس يسلم من عواذلهم *** ونام وهو قرير العين جذلان
وبشِّرهم بثواب الآخرة الكبير في جِوَار رب غفور في جنَّات ونهر في مقعد صدقٍ عند مليك مقتدر .
( لفضيلة الشيخ / عائض القرني ــ حفظه الله ورعاه )
هيا معا لنجني عسل مشاركاتكم...........................